متى سيبدأ استخدام و تسويق لقاح فيروس كورونا ؟

   لقاح أكسفورد، متى؟

 يعمل فريق في جامعة أكسفورد على لقاح لفيروس كورونا     ( CoVid-19)، وفي الوقت الذي حصل فيه الفريق على نتائج اتجارب سريرية إيجابية، بدأ التساؤل : إذا كان هذا اللقاح ناجحا ، لماذا لم يبدأ الإستخدام و التسويق له ؟ أم هي مجرد كذبة أخرى ؟

لنجاوب على هذا السؤال يجب أولاً أن ندرك أن تطوير اللقاحات ليس بالأمر الهيّن، تخيل تطوير لقاح وبعد توزيعه على آلاف وملايين من البشر يبدأ ظهور الكوارث اللي تسبب فيها اللقاح ! .. لذلك تم وضع شروط ومراحل يجب أن يمر بها أي لقاح في العالم حتى يتم المصادقة عليه و إعتماده كلقاح قابل للإستخدام :

1- المرحلة ما قبل السريرية (Pre-clinical trials) : بعد أن يقوم الباحثين بإقتراح لقاح فعال بشكل نظري، يأتي وقت تجريب اللقاح على الحيوانات في المختبر، الهدف من هذه التجارب هو  التأكد أن اللقاح يدير إستجابة مناعية ضد الفيروس، وأيضاً للتاكد أن اللقاح آمن وليس له أعراض جانبية خطيرة.. إنطلقت جامعة أكسفورد في التجارب ما قبل السريرية في شهر جانفي، أي بضعة أشهر قبل أن تعلن منظمة الصحة أن فيروس كورونا أصبح جائحة عالمية. حيث تم تسجيل نتائج مبشرة على الفئران (humoral and cellular immune response in rhesus macaques).

2- المرحلة السريرية (Clinical trials) : إذا أظهرت نتائج المرحلة الأولى مؤشرات إيجابية وخالية من المخاطر، يتم الإنتقال إلى تجريب اللقاح على البشر، ولأن روح البشر أغلى بكثير من الحيوان، فإن هذه المرحلة هي أكثر المراحل تعقيداً، وهي تنقسم إلى بضعة مراحل فرعية :

ه Phase I/II : يتم فيها تجريب اللقاح على مجموعة عشوائية (randomised controlled clinical trials) تضم من 15 إلى 1000 شخصاً. في تجربة لقاح أكسفورد تم إنتقاء 1077 شخصاً بالغاً لا يعاني من أي مرض بين سن 18 و55 ومن ثم تقسيمهم إلى مجموعات مقارنة ومقاربة. إستغرقت العملية من 23 أفريل إلى 21 ماي، وكانت النتائج جد مبشرة إذ تم الحصول على إستجابة مناعية من نوع خلايا تائية T-cells response خلال 14يوماً + إستجابة مناعية نوع أجسام مضادة antibody response خلال 28 يوماً، كما أنه لم يتم تسجيل أي أعراض جانبية – مثل كل اللقاحات قد يسجل حمى خفيفة يتم علاجها بـparacetamol - .. أما أولئك 10 الذين قاموا بتلقي جرعتين من اللقاح فقد سجلت لديهم أقوى استجابة مناعية تمت مشاهدتها ضد الفيروس.

" نتائج PhaseI/II المبشرة قامت بإعطائنا ثقة كبيرة أن اللقاح سيعمل وسيكون متوفراً للجميع في كل دول العالم " -  Mene Pangalos مدير تنفيذي في شركة AstraZeneca شريك أكسفورد في صناعة وتوزيع اللقاح لإجراء تجارب سريرية واسعة النطاق.

ه Phase II/III : يتم في هذه المرحلة توسيع التجارب العشوائية (randomised controlled clinical trials) حيث تم إنتقاء 10560 شخصا في بريطانيا للقيام بالـPhaseII من أطفال وبالغين وشيوخ، تم نشر نتائج جد مبشرة مؤخراً في مجلة The Lancet وهذا ما شجع الإنطلاق في الـجزء الأخير من المرحلة.

"هذه النتائج المشجعة تدعمنا للذهاب نحو Phase III ." بروفيسور Sarah Gilbert، مختصة في التلقيح في جامعة أكسفورد وأحد رواد الدراسة.

 تم في منتصف شهر جويلية إنتقاء نحو 30000 شخصاً في الولايات المتحدة لإجراء التجربة الأخيرة(Phase III) قبل الحصول على الموافقة من الـ FDA . أيضاً يتم حاليا إنتقاء المتطوعين في كل من البرازيل وإفريقيا الجنوبية من أجل الحصول على نتائج متنوعة دولية، تحت إشراف شركة AstraZeneca و جامعة أكسفورد.

3- مرحلة الضبط والموافقة : إذا تمت العملية بنجاح دون تسجيل أي مشاكل، فإن إدارة الغذاء والدواء FDA الأمريكية قد تعطي الضوء الأخضر للقاح أكسفورد (ChAdOx1 Covid19) بالإنتاج الضخم والتوزيع بداية شهر جانفي المقبل، بعد الإطلاع على كل البيانات والتحقق من صحتها وخلوها من أي تشويه.

4- مرحلة التصنيع والتوزيع : وهي أصعب مرحلة حيث أن المصانع ستعمل بشكل لم يسبق له مثيل في عالم الصيدلة لتوفير بلايين الجرعات من اللقاح لبيعه لمختلف الدول والمنظمات ، وفي هذا تمت صفقة بإنتاج 2 بليون جرعة بعد المصادقة، الزبائن هم : بريطانيا، الولايات المتحدة، الهند، منظمتين أوربيتين.

5- الفعالية والسلامة : آخر مرحلة وفيها يتم مراقبة فعالية اللقاح في إنقاص سرعة العدوى، لذلك يتم الحقن الأولي في الأماكن الأكثر عرضة للوباء، كالأطباء والممرضين، وعمال المصانع والمطارات والموانئ الحيوية، والسياسيين، إذا لوحظ أنخفاض في نسبة الإصابة في الأوساط المحقونة، فهو دليل على فعالية اللقاح . أما السلامة فهي المراقبة المستمرة لأي شكاوى من أعراض جانبية قد تظهر على المدى القريب و المتوسط وتسجيلها.

هذه هي المراحل التي يمر بها تطوير أي لقاح، في العادة تأخذ هذه المراحل سنوات طوال، لكن لأن البشرية تعيش أمراً طارئاً فإن تطوير اللقاح يمر بسرعة البرق، لم يسبق لهذه المراحل أن اكتملت في بضعة أشهر، وذلك لأن التبرعات والمساعدات المالية والدعم لهذا البحث فاقت 84 مليون باوند + مساعدات لوجستية لم يسبق لها مثيل من مختلف الحكومات والمنظمات. 

إذا استمر المنحى على ما هو عليه فقد نشهد توفر اللقاح للعوام خلال شهر مارس من سنة 2021.

Post a Comment

أحدث أقدم