بقلم السيناريست: محمد رضا رريب الله
من بين عناصر كتابة السيناريو و أهمها هي بناء الشخصية, حيث أن الشخصية هي محور أحداث القصة التي يتعلق بها المشاهد من بداية العمل إلى نهايته و بالتالي فإن جودتها من جودة العمل بصفة عامة.
يظن الكثير أن بناء أحداث القصة و بناء الشخصية يتم بشكل منفصل و هذا خطأ شائع بحيث أنهما مرتبطان إرتباطا وثيقا بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الأخر و نحن لا نتحدث فقط عن شخصية البطل Protagonist بل كل الشخصيات الفاعلة في القصة كالحليف و المرشد و البطل الضد ... فكيف تقوم ببناء شخصية تتوافق مع قصة فيلمك؟
1- المعتقد الفلسفي للشخصية Philosophical belief:
يجب أن تتوفر الشخصية على معتقد فلسفي معين تقوم بالإعتماد عليه باتخاذ قراراتها و ردود أفعالها خلال نقاط الحبكة و من جهة أخرى فإن نقاط الحبكة تكون بمثابة إختبار لهذا المعتقد الفلسفي, فمثلا في فيلم STUTTERER يؤمن غرينوود أن تأتأته هي العائق أمامه في تكوين علاقة عاطفية ناجحة و لهذا يحاول إخفائها قدر الإمكان و في المقابل نرى من خلال نقاط الحبكة كيف تمنعه تأتأته من الحصول على ما يريد لنصل للذروة حيث تريد الفتاة مقابلته وجها لوجه بدل التحدث عبر السوشال ميديا
2- الرغبة The Want
ما الذي تريد الشخصية أن تصل إليه في نهاية الفيلم ؟ إن لم تستطع الإجابة على هذا السؤال فهناك خلل ما في فيلمك و يجب أن تعيد النظر فيه ... هل تريد المال أو الوصول لوجهة ما أو إنقاذ العالم و لماذا تريده؟
الهدف من إدراج الرغبة هو من أجل جعل الشخصية هي التي تتحكم في مسار الأحداث و قراراتها هي ما يدخلها في المتاهات بحيث يشعر المشاهد أن الشخصية مسؤولة عن ما يحدث لها بطريقة أو بأخرى و ليست سالبة جامدة و العالم الخارجي يؤثر عليها فقط ... بهذا يشعر المشاهد أن الشخصية مجرد ضحية للمعيقات الخارجية و يمكن استبدال هذه الشخصية بأي شخصية أخرى دون الإخلال بمجريات الفيلم, و فيما يخص السؤال الثاني فعلى الرغبة أن تكون مرتبطة بالمعتقد الفلسفي للشخصية و غير منفصلة عنه, فمثلا في فيلم The Wolf of Wallstreet يريد البطل تحقيق الثراء لأنه يؤمن أن المال يجلب له السعادة و باستعمال المال يمكنك الوصول لأي شيء و أوليف تريد أن تصبح ملكة جمال الأطفال في فيلم Little Miss Sushine لأنها تؤمن أن العالم إما فائزين أو خاسرين.
ملاحظة: لا يهم أن تصل الشخصية لهدفها في نهاية الفيلم, بل ما يهم هو إدراجها من أجل أن يتابع المشاهد استمرارية الأحداث على المستوى الخارجي.
3- الحاجة The need
على عكس الرغبة فإن الحاجة هي ما يتعلق بالأحداث الداخلية للشخصية و تطورها على مدار الفيلم, فهي تمثل ما الذي تحتاج الشخصية لمعرفته أو تعلمه بحيث تمثل الحاجة المعيقات الداخلية للشخصية التي تمنعها من الحصول على ما تريده.
إذا كان إدراج الرغبة مهم في الفصل الأول من الفيلم فإن تطور الشخصية خلال الفيلم لتصل لحاجتها مع نهايته هو ما يعطي النهايات المرضية التي تعجب الجمهور فمثلا في فيلم Little Miss Sunshine كانت ترغب أوليف بأن تصبح ملكة جمال الأطفال ولذلك عليها أن تتبع حمية من أجل الحفاظ على رشاقتها و لكنها في نهاية الفيلم كانت حاجتها بأن تتقبل نفسها كما هي و نهاية الفيلم المرضية كانت بسبب ذلك, لم تحقق رغبتها و لكنها حققت حاجتها مما جعل نهاية الفيلم نهاية سعيدة ذات طابع واقعي و يقابل من الجانب الأخر نهاية فيلم the social network فرغبة مارك كانت كسب القضية ضد صديقه و قد نجح في ذلك و لكنه كان في حاجة بأن يتعلم أن الصداقة قبل المال و الإعتراف بمجهودات الأخرين ... رغم أن مارك حقق رغبته و لكن نهاية الفيلم تحمل طابع تراجيدي.
4- أخطاء الشخصية Character Flaws
عند قرائتي لأي سيناريو أول سؤال أطرحه على كاتبه هو لماذا إخترت هذه الشخصية لتكون البطل و ليس شخصية بخصائص أخرى؟
الشخصيات المثالية هي شخصيات مملة جدا و لا يتعلق بها المشاهد ببساطة لأنها غير واقعية لأن لكل منا أخطاء و حين يحاول الكاتب رسم شخصية مثالية دون أخطاء و نشعر كأن القدر ظلمها بهذه العراقيل إما أن الكاتب يحاول رسم صورة مثالية تمثل إنعكاسه ليرى المشاهد أن الكاتب شخص مثالي و كمحاولة ذات طابع مؤدلج لخدمة وجهة نظر معينة و في كل الأحوال فإن الشخصية ستكون ناقصة لا تثير الخوف و الشفقة في نفس المشاهد. في فيلم liar liar لجيم كاري شخصية الأب تمثل أب يكذب كثيرا و كذبه دائما ما يوقعه في المشاكل ... ما يجعل المشاهد يتعلق بالشخصية ليس مثاليته بل رؤيته يحاول التغلب على أخطائه.
أن يرى المشاهد فيلما عن شخصية تستحق ما يحدث لها و تتعلم من أخطتئها أفضل من أن يشاهد فيلما عن شخصية مثالية تكون ضحية القدر
ملاحظة: نقاط الحبكة تمثل تحديات تجعل الشخصية تقع في صراع فلسفي بين الرغبة و الحاجة و لتجاوز العراقيل تأخذ قرارات بناءا إما على معتقدها الفسفي أو على أخطائها.
إرسال تعليق